إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
كلمة في القوات المسلحة
1878 مشاهدة
المحافظة على الصلاة في جماعة

اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك، وعظيم سلطانك، اللهم لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
أيها الإخوة الأكارم، باسم سعادة قائد المنطقة الشمالية الغربية، اللواء الركن عبد الرحمن نصر وباسم كذلك أيضا قائد مجموعة لواء الملك فهد الثامن، وقائد مدفعية المنطقة في هذا المعسكر، وباسمكم جميعا أُحَيِّي، وأُرَحِّبُ بضيفنا الكريم، وشيخنا الجليل، فضيلة الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين وفضيلة الشيخ عبد الله كل طالب علم يعرفه، وكل باحث عن الحقيقة يعرفه، سواء في لقاءاته معه مباشرة من خلال دروسه، أو من خلال كتبه، وفتاويه التي نتلقاها من فترة لأخرى.
الواقع أيها الإخوة لقاؤنا مع شيخنا الجليل يختلف عن غيره؛ إذ أننا أحببنا أن يكون اللقاء مفتوحا لبعض الأسئلة التي دَوَّنَّاها منكم قبل وصول فضيلة الشيخ؛ لأن المحاضرات نجد من يتحدث كثيرا، ولكن نحن بِأَمَسِّ الحاجة إلى مَنْ يجيب على أسئلتنا، وفتاوينا؛ حتى أن الإنسان يطمئن أنه أخذ العلم من مصدره، فإذا سمع فتوى لأي سؤال سيأتي يطمئن بأنه هذا الجواب الصحيح بإذن الله عز وجل، فنشكر لفضيلة الشيخ عبد الله إتاحة الفرصة بأن يلتقي مع أبنائه مجموعة لواء الملك فهد الثامن، ومدفعية المنطقة بهذا المعسكر.
والشكر أيضا موصول لإخواني، وزملائي منسوبي فرع وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بمنطقة تبوك ممثلا في فضيلة الشيخ صالح وزملائه، وأيضا لكم إخوتي في الله، وأتمنى - إن شاء الله - أن نصغي جميعا؛ لأنه ستأتي لدينا أسئلة كثيرة، والإجابة عليها تحتاج إلى أن يتفهم الإنسان، وأن يكون صاغيا؛ حتى يستفيد مما سيسمع إن شاء الله.
وعلى أي حال أيها الإخوان، بينما أرتب أسئلتي فأتمنى من فضيلة الشيخ عبد الله أن يتكرم بكلمة موجزة وبسيطة، قبل أن نبدأ في أسئلتنا، فليتفضل مشكورا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، أحمد الله وأشكره، وأثني عليه وأستغفره، وأسأله من فضله العظيم أن يُوزِعَنَا شكر نعمه، وأن يدفع عنا نِقَمَهُ، وأن يحرسنا بعينه التي لا تنام، وأن يكلأنا ويحفظنا من كيد الأنام، وأصلي وأسلم على نبيه ورسوله محمد النبي المصطفى، والمختار المجتبى، وعلى آله وصحابته، وبعد:
فإني - والحمد لله - قد رأيت ما يسرني وما يبهجني، وقد زرت هذه البلاد وهذه القطاعات عدة مرات حتى قبل ثلاث وأربعين سنة، وفي ذلك الوقت وفي تلك السنة ما تفاءلت كما تفاءلت في هذه المرة، وفي مراتٍ قبلها قريبا، فقد رأيت - والحمد لله - ما يَسُرُّ من هذا الإقبال، ومن هذا التقبل، ومن هذا الاجتماع، وهذا الاحترام.
ولا شك أن هذه - إن شاء الله - من علامات السعادة والفلاح والاستقامة، وأنها بفضلٍ من الله تعالى، وهو الذي يَهْدِي المؤمن ويُوَفِّقه، ويقبل بقلبه، وهو الذي يَمُنُّ على مَنْ يشاء من عباده، ويخلق ما يشاء ويختار، وخيرته من خلقه هم الذين يحققون الإيمان بالله وبرسله، هم الذين يُقِيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويُحَافِظُون على حدود الله، ويبتعدون عن ما حرم الله، هم الذين يُحِلُّون الحلال، ويُحَرِّمون الحرام.
ونتفاءل ونقول - إن شاء الله - إن إخواننا في هذه القطاعات، إنهم من هؤلاء الذين يحبون الله تعالى، ويحبهم الله، والذين يحبون عبادة الله، والذين يحبون الحق، ويبحثون عنه، فنوصيكم بذلك.
نوصيكم بمحبة العبادة، العبادة الظاهرة أهمها وأجلاها وأظهرها أداء الصلوات والمحافظة عليها؛ فإنها عمود الإسلام، وناهيةٌ عن الفحشاء والآثام، مَنْ حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومَنْ ضيعها فهو لغيرها أضيع وأضيع.
فحافظوا - رحمكم الله ووفقكم - على أداء الصلاة جماعة؛ حتى تجتمع عليها القلوب، وحتى تحبها الأفئدة، وحتى تَلْتَذُّوا بها، وتجدوا لها راحة وطمأنينة، وتعمر بيوت الله العمارةَ الحقيقية، التي وصف الله بها المؤمنين في قوله تعالى: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ نرجو أن تكونوا، وأن نكون جميعا من هؤلاء الذين يَعْمُرُون مساجد الله، يعمرونها بالذِّكْرِ وبالعبادة وبالصلاة، وبالاعتكاف وبالدعاء، وبانتظار الصلاة وباحترامها، وبخشوع القلب وخضوعه فيها.
كما أننا أيضا نحذركم، ونرجو أن تُحَذِّرُوا مَنْ تعرفونه من الشرور والمنكرات؛ وذلك لأن أعداءنا -أعداء الإسلام- أعداء لكل مسلم، وإنهم يحاولون أن يفتكوا بالأجسام، وأن يستولوا على البلاد، يحاولون أن يمتصوا ثرواتنا، وأن يستقروا في بلادنا - البلادِ الآمنة المطمئنة - التي فيها الْحَرَمان الشريفان وفيها هذه الخيرات، وهذه الثروات - والحمد لله - هذه محاولة منهم؛ فلأجل ذلك يحرصون على إفساد معنوية المسلمين، وعلى إفساد أفكارهم.